2024 عام ميلادي جديد
اليوم هو ١ يناير ٢٠٢٤، والجميع يحتفل بالعام الجديد، ويحاول أن يودع العام الماضي بكل ما فيه من أفراح وأتراح.
وأنا بين هذا وذاك أكتب هذا المقال في محاولة مني للمواظبة على الكتابة بصورة يومية منتظمة مع مطلع عام جديد وإشراقة أمل ودفقة حماس، من جهة لأني أحب القلم والكتابة، ومن جهة أخرى لأني أعلم أن الكلمة تعيش أكثر مما يعيش صاحبها، ومن جهة ثالثة لأني بسبب طبعي المنظم أحب أن أرى أفكاري أمامي على ورق.
الزمن في حد ذاته أعجوبة
إذا تأملت في الزمن وجدت أنه في حد ذاته أحد الأعجايب. بينما يمر عام وينصرم ويبدأ الجميع في الاحتفال والتهاني بالعام الجديد، يحدث أمران متناقضان لكنهما متلازمان.
أولا: ينقص عمرك على هذه الأرض عاما. إذ أنك في الحقيقة استنفذت من رصيدك عاما إضافيا. فجميعنا يولد وفي جعبته عدد محدد من الأعوام، والشهور، والأيام، والساعات، والثواني، والأنفاس. وكلما مر نفس، أو يوم أو عام، أنت في الحقيقة تنفقه من رصيدك، الذي يتناقص على الدوام.
ثانيا: زاد عقلك (أو هكذا نرجو) عاما من الخبرات. بينما يتناقص رصيد العمر، يزداد رصيد العقل والحكمة، والمعرفة، والتجارب. والسعيد هو من استخدم الإنفاق الحتمي من رصيد عمره، في الزيادة في رصيد عقله، حتى تتحسن باقي أيامه على هذه الأرض، ويرتقي في درجاته لما بعد حياة الأرض.
آمال وأحلام و …. عادات
تبدأ الجميع عامه بآمال عريضة، وقائمة كبيرة من المهام التي يريد إنجازها في خلال العام. وأحلام يريد تحقيقها قبل مطلع عام جديد. لكن دعونا نواجه الحقيقة، ٩٩٪ من هذه الأحلام والآمال ينتهي بها المطاف إلى طي النسيان، أو أفضل الأحوال تحل ضيفا على قائمة العام القادم مرة أخرى.
هل فكرت يوما في سبب هذه الظاهرة المشورة التي نعاني منها جميعا.
يبدأ كل شيء بـ فوران كبير، ذهاب للجيم كل يوم، حضور درس اللغة كل يوم، قراءة في الكتاب كل يوم. ثم مع الوقت يبدأ الأمور في الفتور، وتخفض الحرارة. مع الوقت ترجع كل الأمور إلى نصابها، ويصبح الأمل أو الحلم فكرة تنغص علينا أوقاتنا السعيدة ثم تعود مرة أخرى إلى قائمة العام الجديد.
لذلك فإن الحل هو أن تجعل همك هو خلق عادات صحية ناجحة تساعدك في الوصول إلى أهدافك التى وضعتها في بداية العام. على سبيل المثال: بدلا من أن تقول سأنهي ١٢ كتاب هذا العام، حاول فقط أن تحافظ على عادة القراءة ١٠ دقائق كل يوم. بدلا من أن تقول سأحصل على عضلات بطن مع نهاية العام، حاول فقط أن تلعب ١٠ عدات من تمرين البطن كل اليوم الصبح. ولفهم المزيد من عمل العادات وتأثيرها الرهيب على تطور الإنسان أنصح بقراءة كتاب العادات الذرية.
عامي في ٢٠٢٣
يميل الجميع إلى خلق هالة من المثالية حول أنفسهم، ويبدأون في سرديات حول منجزات العام المنصرم. وهذا خير بلا شك. أنا شخصيا كنت ومازلت أفعل الشيء نفسه.
سأحاول هنا أن أكون منصفا نوعا ما في محاولة للتعلم من الأخطاء، وعدم تكرارها مرة أخرى، والاحتفال بالمنجزات ومحاولة الاستفادة منها مرات أخرى:
بداية العام كنت أنتقل من السعودية إلى الإمارات: الطفرة كانت كبيرة بين البلدين الحقيقة، سواء في طبيعة عملي، أو طبيعة العمران. انتقلت من عمل اعتدت عليه وكنت أقوم به بسهولة. إلى عمل من نوع جديد ومسؤوليات جديدة وتحتاج لتركيز أكبر ومجهود أكبر، وأرجو أن يعود على بعائد أكبر. مدينة أبو ظبي كذلك مختلفة عن مدينة الرياض التي كنت أعيش فيها. المباني فيها أعلى لكن الازدحام فيها أقل. الإيجارات فيها أعلى، لكنك تشعر فيها براحة أكبر كذلك، أعتقد أن هذا تأثير البحر والكورنيش الرائع الذي تتميز به المدينة عن كل المدن الأخرى التي عشت فيها. في المحصلة كان هذا حدث فاصل في حياتي عموما وليس في هذا العام فقط.
استطعت الحصول على شهاداتين في موضوع الاستثمار وبناء المحافظ الاستثمارية من جامعة جينيف في سويسرا. من خلال هذه المعلومات استطعت تقديم العديد من الدورات والاستشارات في هذا المجال.
استطعت في هذا العام الوصول لـ ٩٢٠٠ متابع على منصة X مع أني بدأت العام بـ ٥٠٠.
لكني أيضا لم استطع الانتهاء من كل الكتب التي خططت لقراءتها في بداية العام، وأعلم أني أضعت الكثير من الوقت المخصص للقراءة.
كما أني تعرضت لعملية احتيال تحت غطاء الاستثمار في العملات الرقمية، المبلغ ما كان بسيط الصراحة. لكن كان عندي خياران: إما أظل أبكي على اللبن المسكوب وأقف عند هذه النقطة أنعى حظي بقية حياتي. أو أني أكمل الطريق وأحاول تعويض الخسائر والاستفادة من التجربة. وقد اخترت الطريق الثاني.
كذلك قل متوسط عدد الخطوات التي أمشيها يوميا من ١٠ آلاف إلى حوالي ٧٠٠٠، والسبب أني أعطيت وقت أكثر للاستشارات وصناعة المحتوى. لذلك سأحاول أن أنظم الوقت أكثر في الفترة القادمة.
أخيرا وليس آخرا:
العام الجديد هو فرصة رائعة للوقوف مع الذات، ومراجعة النفس ومحاسبتها، للتعلم والتطوير، فحاول ما استطعت الاستفادة من مرور الأعوام حتى لا يكون نصيبك من احتفالات العام الجديد هو نقصان عمرك فقط دون زيادة في مخزون خبراتك.
لو لم تشترك في هذه النشرة البريدية بعد أتمنى تشترك فيها من هذا الرابط