دائما ما يقال إن الحكم على الشيء فرع على تصوره
ولذلك فمن الصعب تخيل أحدا قادرا على الوصول إلى الثراء والحرية المالية بدون أن يكون فاهما لكيفية حركة المال في حياته، إذ أن طريقة عمل المال ودروته هي ما تجعل المرء قادرا على التحكم في ماله وجعله يعمل من أجله، بدلا من أن يظل هو يعمل من أجل كسب المال طيلة حياته.
بعد أن تعرفنا على ماهية سباق الفئران الذي يقع فيه أغلبنا، ورأينا بعض أساليب الادخار. لابد لنا الآن وقبل التعرف على أدوات الاستثمار من بناء قائمة الدخل الخاصة بنا حتى نبدأ في بناء ثروتنا.
الأصول في مقابل الالتزامات
قبل أن نتعرف على تركيبة قائمة الدخل لابد لنا أن نفهم مصطلحين في غاية الأهمية، وهما مصطلح الأصول في مقابل مصطلح الالتزامات.
الأصول في الأعمال التجارية والمحاسبة، هي الموارد الاقتصادية التي يملكها رجال الأعمال أو شركة ما. وهي أي ملكية ملموسة أو غير ملموسة ملائمة لسداد الديون، وكذلك إدخال الأرباح. والأصول بعبارة بسيطة، هي الأشياء ذات القيمة التي يمكن تحويلها بسهولة إلى نقد (مع أن النقد في حد ذاته يعدّ أيضا أحد الأصول)
تصنف الأصول إلى صنفين رئيسيين. الأصول الملموسة والأصول غير الملموسة.
من أمثلة الأصول الملموسة:
1- العقارات
2- الأسهم
3- الذهب
ومن أمثلة الأصول غير الملموسة:
1- براءات الاختراع
2- تأليف الكتب
وبأبسط عبارة ممكنة فإن الأصول هي ما يدر عليك المال دون أن تضطر للعمل، فيما يسمى الدخل السلبي.
وأما الالتزامات فهي تعهدات على المنشئات أو الأفراد تجاه الغير مقابل حصولها منهم على سلع أو خدمات أو قروض. أو بمعنى آخر هي الأموال التي يجب عليك أن تدفعها للآخرين مقابل ما حصلت عليه من سلع وخدمات.
على سبيل المثال:
1- أقساط السيارة
2- مدفوعات بطاقات الأتمان
3- أقساط القرض الشخصي
ومن منطلق هذه التعريفات تستطيع أن ترى أن السيارة تعتبر التزامات، لأنك تحتاج أن تدفع أقساطها، وبنزين تشغيلها، وإيجار الركن الخاص بها. بينما أسهم الشركات التي توزع أرباح، أو العقار الذي يتم تأجيره تعتبر من الأصول.
قائمة الدخل الشخصية
تُعرف قائمة الدخل للشركات (Income Statement) بأنّها وثيقة أو بيان مالي يُبيّن مقدار الربح أو الخسارة لشركة ما خلال فترة زمنية مُحددة، وهي تلخص الإيرادات والمصروفات والأرباح والخسائر وتبين صافي الدخل عن فترة زمنية ما.
أما بالنسبة للأفراد فإن قائمة الدخل تكون أقل تعقيدا إذ تتكون من:
1- الدخل الفردي في الشهر
2- المصاريف الشهرية
3- مقدار الالتزامات على الفرد
4- حجم الأصول لدى الفرد
لبناء قائمة الدخل الخاصة بك في بداية كل شهر فإنك تقوم بإدخال دخل مجموع الدخل الشهري الناتج عن وظيفة أن عائدات أو غيرها. ثم تضع المصاريف الشهرية التي تدفعها لتستمر حياتك في المضي قدما،
ثم تضيف مبالغ الالتزامات التي عليك مقابل ما حصلت عليه من سلع أو خدمات، مثل قسط السيارة أو قرض التعليم. وأخيرا تيف ما تملكه من أصول في هذه الدورة التي تبني فيها قائمة الدخل الخاصة بك.
بطبيعة الحال لابد أن يحصل اتزان في قائمة الدخل، بحيث يغطي مجموع الدخل مجموع النفقات زائد الالتزامات، وإلا يعتبر الشخص مفلسا.
الفرق بين الأغنياء والفقراء
يظهر الفارق الكبير بين الأغنياء والفقراء في كيفية التعامل مع قائمة الدخل لديهم، والطريقة التي ينفقون بها دخلهم الشهري.
بينما يميل الأغنياء إلى إنفاق دخلهم على شراء أصول مدرة للربح، بينما يعملون على تقليل نفقاتهم قدر المستطاع، وعدم الدخول في أي التزامات من الأساس.
وهذا هو ما يفسر لنا القول الشائع بأن الأغنياء يزدادون غنى.
لأنه مع مرور الوقت وإعادة استثمار الدخل في شراء أصول أكثر، والزيادة المضطردة في قيمة الأصول، فإنها تدر أرباح أكثر على أصحابها، جاعلة منهم أكثر ثراء من ساعة اشتروا هذه الأصول.
يميل الفقراء إلى إنفاق دخلهم كله على نفقاتهم، وإذا ما قصر الدخل عن النفقات لجأوا إلى الأقساط وبطاقات الاتمان مما يضيف مزيد من الالتزامات التي يتوجب عليهم دفعها لاحقا. بينما تظل خانة الأصول خاصتهم فارغة تماما من أي أصل يمكنه أن يزيد من دخلهم.
هذا الشكل يشرح لنا كيفية تفكير الفقراء في إدارة أموالهم، فإنهم ينفقون كل دخلهم بصورة مستمرة، وكلما زاد الدخل رفعوا من مستواهم المعيشي بدلا من شراء الأصول. فيظل الفرد صاحب هذه العقلية يعمل طوال حياته من أجل المال في متاهة سباق الفئران، دون أن يتوفر له اي أصل يجعل المال يعمل من أجله، يدر عليه أي دخل إضافي.
الآن وقد اتضح لك الفرق بين الأصول والالتزامات،
وتعلمت كيف تبني قائمة الدخل الخاصة بك،
لابد أن تبدأ في التفكير من هذه اللحظة في كيفية بناء الأصول وتقليل الالتزامات، حتى تخرج سريعا من سباق الفئران, وهذا هو موضوع المقالات القادمة بإذن الله.